هل يتدخل ’’الناتو‘‘ لصالح حكومة الوفاق الوطني الليبية ؟

المختار العربي – خاص(طرابلس) – نؤاس الدراجي

من جديد يدخل حلف شمال الأطلسي ’’الناتو‘‘ إلى المشهد الليبي ، لكن هذه المرة ليس لدعم قوات المجلس الانتقالي في حربه لإسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي قبل ستة أعوام ، لكن لمساعدة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني ، بعد طلب الأخير مساعدته في هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية ، في تغيير جديد يعكس تصاعد وتيرة ممارسة اللاعبين الدوليين على الساحة الليبية 

وتباينت الآراء والتحليلات حول المغزى من هذا الطلب بدعمه أو رفضه ، أو مدى ارتباطه بفشل السراج في عقد لقاء مع المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي ، أو أن القرار له علاقة بتحركات حكومة طرابلس الأخيرة ، والتي تحاول إنشاء جهاز حرس وطني ، لتعزيز مظاهر الانقسام العسكري في البلاد 

يرى محمد الخوجة الباحث الليبي في شؤون الجماعات الإسلامية ، بأن التحرك الأخير للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق “إيجابي” ، كونه سيعمل على لجم التحركات الأخيرة التي شهدتها العاصمة طرابلس ، وتعزيزات عسكرية لصالح حكومة طرابلس غير المعترف بها 

وأضاف الخوجة ” الطلب الذي تقدم به السراج الأسبوع الماضي ، لمساعدة حلف شمال الأطلسي في هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية ، هو طلب مهم وإيجابي لصالح ليبيا ، وليس بالضرورة أن يكون المستهدف قوات الجيش بقيادة المشير حفتر ” ، مشيراً إلى أن الأطراف الدولية في نهاية المطاف ، ستدعم الأطراف العسكرية التي تحظى بشرعية من البرلمان الليبي ، وهو الأمر ينطبق على المشير حفتر 

وتابع ” على الرغم من الهوة والخلاف بين السراج وحفتر ، لكنني أتوقع الاتفاق والتقارب بينهما قريباً ، ولعل الوساطة المصرية خير دليل ، على أن الأمور تتجه بشكل إيجابي لصالح المجلس الرئاسي والقيادة العامة للوقتا المسلحة ، حيث دفعت القاهرة الأطراف كافة ، إلى قبول الاتفاق السياسي وقبول قيادة الجيش بشكل يضمن دعم بعضهما الأخر 

وعن توقيت القرار وأهميته ، أجاب الباحث الليبي ، ” الخطوة مهمة ، كونها ستقطع الطريق أمام التحركات المشبوهة لحكومة طرابلس ، الذي أكد عزمه انشاء جهاز الحرس الوطني ، وهو يحاول بهذه الخطوة خلط الأوراق في طرابلس ، ومحاولة الحصول على مكاسب سياسية لصالح التيارات المتشددة الرافضة للحوار والاتفاق السياسي ” 

وكان خليفة الغويل رئيس حكومة طرابلس المنبثقة عن المؤتمر الوطني المنتهية ولايته ، قد أعلن قبل أسبوعين ، عن إنشاء الحرس الوطني ، ليضطلع بأدوار حماية العاصمة طرابلس وتأمين حماية الأهداف الحيوية والمطارات 

وقوبل هذا الإعلان بالرفض والاستهجان محلياً ودولياً ، حيث رفض المبعوث الدولي إلى ليبيا مارتن كوبلر ، ما وصفها بـ “إنشاء كيانات عسكرية موازية”، كما حذرت الولايات المتحدة مت خطورة مثل هذه التحركات ، لمجموعات مسلحة خارجة عن الشرعية ، بحسب وصفها 

من جانبه ، رفض النائب في البرلمان الليبي محمد لينو ، الطلب الذي تقدم به فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ، معتبراً إياه “قرار يعزز الشقاق” ، ويقتل فرص التوافق والحوار بين الأطراف الليبية 

وقال لينو في تصريح لصحيفة “المختار العربي” للتعليق على الطلب الأخير ، ” من وجهة نظري ومن واقع الحالة الليبية ، أصف الطلب الأخير الذي تقدم من خلاله السيد السراج لحل الناتو ، بشأن مساعدة حكومته ، هو طلب غير موفق ومرفوض تماماً ، وينبغي مراجعته جيداً قبل الخوض فيه رسمياً “

وأردف قائلاً ” السراج جاء في هذه المرحلة لقيادة الوفاق وليس لإدارة الاختلاف والانحياز لطرف على حساب آخر ، وبالتالي فإن توحيد الجهود وتثبيت القيادات العسكرية والأمنية ، يأتي في المقام الأول ، وليس طلب مشبوه في هذه المرحلة الحساسة “

وعن مدى تأثير هذا الطلب على القياد العامة للجيش ، أجاب ” ليعلم رئيس المجلس الرئاسي بأن المشير حفتر أضحى واقعاً ، بأنه القائد العام للقوات المسلحة بتفويض كامل الصلاحيات من قبل البرلمان ، وبالتالي يجب العمل جدياً في هذا الإطار ، وتجاهل أي خطوات ربما تتسبب في انهيار الاتفاق السياسي ” 

وقلل البرلماني الليبي ، من أهمية ها الطلب لمساعدة الناتو لحكومة الوفاق ، مؤكدا أن الحلف سيتجاهل طلب السراج في مساعدته ، خاصة وأن المواقف الدولية الأخيرة بدأت تعترف بوضعية الجيش الوطني وشرعيته ، وأبرزها الموقف الأخير للإدارة الأمريكية ، بأن الرئيس دونالد ترامب سيتعامل مع القيادة العامة للجيش حصراً ، دون الأطراف العسكرية الأخرى في ليبيا

وأكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، أن الحلف تلقى طلبًا رسميًّا من رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، للمساعدة في تدريب وتطوير القوات المسلحة الليبية

وقال ستولتنبرغ، في مؤتمر صحفي الخميس الماضي ، بأن “هذا الطلب تلقيناه وبدأنا النظر في نوع الدعم الذي يمكننا تقديمه ، بمجال المساعدة في إقامة مؤسسات أمنية ودفاعية” 

وأضاف الأمين العام لحلف ، بأن الحلف سيدرس الطلب لرؤية كيفية تلبيته في أقرب وقت ممكن ، وذلك بعد أن أعلن الحلف أنه ينتظر مثل هذا الطلب ، ليبدأ بالإعداد لبرامج مساعدة حكومة الوفاق الوطني ، لإقامة البنى التحتية وتدريب العناصر البشرية في قطاعات الدفاع والأمن

وعرج ستولتنبرغ ، على موافقة قادة الحلف في اجتماع القمة بوارسو تموز/يوليو العام الماضي ، على دعم ليبيا أمنياً وعسكرياً ، إذا قدمت طلباً رسمياً بهذا الشأن

أما المندوب الليبي السابق لدى الأمم المتحدة السفير إبراهيم الدباشي ، فقد أكد أن دور بريطاني وراء تقدم السراج بطلب مساعدة حلف شمال الأطلسي ، معتبراً مساعيها “محاولة للحفاظ على موقعها التخريبي في ليبيا” 

وكتب الدباشي في تدوينه على حسابه على الفيسبوك ، ” بريطانيا لجأت لاستخدام حلف شمال الأطلسي كواجهة تختفي وراءها ، للحفاظ على موقعها التخريبي في ليبيا عندما تأكدت ان الادارة الامريكية الجديدة غير مستعدة للتعامل مع الاخوان ، ولا مع المجموعات المسلحة المتحالفة معه، على حساب الجيش الليبي ” 

وأردف ” اوعزت الى السراج بطلب المساعدة من الحلف لتدريب المجموعات المسلحة التي لا تعاديه ، والتي وصفها أمين عام الحلف بالقوات المحلية ، وهو ما قام به السراج دون ان يدرك خطورة تقديم طلب رسمي للمساعدة من منظمة عسكرية متعددة الأطراف ، سعت وما زالت تسعى لتحويل الاراضي الليبية الى ساحة للهيمنة ، في إطار التنافس الجديد والمتزايد على النفوذ بين القوى الكبرى ” 

واختتم تدوينته ، ” جماعة السراج التي تحكم ليبيا كواجهة للمتحكّمين في مجلس الأمن والمخابرات الأجنبية ، دون اي سند دستوري ، لا يدركون انهم سيحاسبون عاجلاً او اجلاً عن كل القرارات والاعمال غير القانونية التي يقومون بها ، في المجال المالي والعسكري بوعي او بدون وعي ، فالقانون لا يحمي المغفلين” 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقبل إقرأ أكثر