صيدلي سوداني يعد كتاب طبخ للتعريف بالمطبخ السوداني

السودان الواقع بين افريقيا والعالم العربي لم يعرف يوما بمطبخه خلافا لاثيوبيا المجاورة، الا ان الصيدلي عمر التجاني يريد الترويج للاطباق المحلية من خلال كتاب طبخ موجه للاجانب والسودانيين على حد سواء.

ويأمل التجاني المنهمك في حشو الكوسى والباذنجان والطماطم في مطبخ في احد احياء الخرطوم الهادئة تحت ناظري عمته، سلوى، في تغيير الوضع من خلال كتاب الطبخ هذا الذي يريده ان يحمل المطبخ السوداني الى العالم. وهو كتاب الطبخ السوداني الاول غير المكتوب باللغة العربية.

ولد مشروع الكتاب الذي سيحمل عنوان “المطبخ السوداني” بالدرجة الاولى من حنين التجاني الى الوطن، هو الذي انتقل للعيش في بريطانيا في سن السابعة. وكان يستمتع بما تحضره والدته من اطباق اينما انتقلت العائلة، الى حين توجهه الى مانشستر في انكلترا لدراسة الصيدلة.

ويقول التجاني البالغ 31 عاما خلال استراحة في المطبخ “كنت اعيش في الجامعة وافتقد لطعام امي فاطلب منها وصفات الاطباق المفضلة لدي كلما عدت الى المنزل العائلي”.

ويضيف “رحت ادونها واحملها معي واعدها خلال فترة وجودي في الجامعة”.

وبدأ تعلم الطهي من الصفر مع طبق لحم الضأن الذي يطبخ بصلصة سودانية والثوم وهو اكثر الاطباق شعبية في السودان.

وراح يتشاطر وصفاته مع ابناء عمه ومن بعدها انشأ موقعا على الانترنت ووجد ان اناسا من مختلف مناطق العالم يهتمون لتجربة وصفاته.

وقرر في تشرين الاول/اكتوبر من العام الماضي، ان يكرس وقته لتأليف الكتاب فترك عمله وسافر الي الخرطوم في كانون الثاني/يناير لمدة عشرة ايام في زيارة بحثية.

– السياسة على الطاولة –

وفي منزل جده، يجمع الوصفات ويطبخ مع عمتيه ويزور المطاعم والاسواق والمتاحف لجمع خلفيات يريد تضمينها كتابه.

ويوضح “اريد ان اضع الطعام في اطاره الصحيح”.

وسيتضمن الكتاب اربعين وصفة موجهة الى الاجانب والى السودانيين ايضا الراغبين بالاطلاع اكثر على مطبخ بلادهم.

إلا ان اصراره على ربط الطبخ بتاريخ السودان المضطرب جعله يواجه صعوبة في العثور على ناشر للكتاب في بريطانيا حيث تفضل دور النشر كتابا يقتصر على الوصفات.

ويؤكد التجاني “لا يمكننا الحديث عن السودان من دون الحديث عن السياسة”.

وقد ضم السودان الذي يتمازج فيه التأثير العربي والافريقي، الى السلطنة العثمانية في القرن التاسع عشر، ثم خضع للحكم البريطاني المصري حتى العام 1956. الا ان تاريخ البلاد في مرحلة ما بعد الاستقلال كان زاخرا بالحروب الاهلية والانظمة العسكرية والاضطرابات والفقر.

ويقول التجاني ان كل فترة من هذه الفترات اثرت على ما يأكله الناس في السودان وهو واقع يريد ان يضعه في صلب كتابه.

ويأمل ان يستقطب ثراء المطبخ السوداني معجبين من كل انحاء العالم.

ويقول وهو متجه مجددا الى المطبخ “كل ما ينمو في منطقة ما يؤثر بالتأكيد على ما نعده في المطبخ”.

ففي اقليم دارفور المضطرب تزرع الذرة ومنها تصنع “العصيدة” وتؤكل مع اليخاني، فيما تأكل الجماعات التي تعيش على ضفاف نهر النيل، سمك البلطي الذي يصطاد من النهر ويقدم مع السلطة.

– الاكل مشاركة –

وهو يشدد على اهمية الطبخ مع الاسرة لان افضل الاطباق السودانية لا تقدم في المطاعم او اكشاك الاطعمة المنتشرة على جانبي شوارع الخرطوم.

ويقول التجاني وهو ينتهي من انجاز المحاشي والارز واللحم المفروم والزبيب “الاطباق السودانية يجب ان تعد في المنزل”.

ويؤكد ان الاجانب في الخرطوم يمكنهم تناول اسماك النيل اللذيذة والفول المنكه بالكمون والزيت في المطاعم لكنهم لن يحصلوا على افضل ما في المطبخ المحلي ان لم يشاطروا عائلة سودانية اكلها.

وتبدو سلوى عمة التجاني التي ارتدت الثوب السوداني التقليدي الزاهي الالوان سعيدة وهي تساعده، مؤكدة ان المشروع “ممتاز”.

وتقول مبتسمة “انه شيء غريب لكنه جميل”.

ومع حلول المساء قدم التجاني الخضار المحشو والمطبوخ الى ابناء عمومته وعماته الذين جلسوا حول طاولة في فناء المنزل. وهم اقبلوا على الطبق في صمت مقدرين عمله.

ويقر التجاني بانه سيكون من الصعب عليه التعبير عن الجوانب المفضلة لديه في المطبخ السوداني من خلال الكتاب الذي يأمل ان ينجزه في نيسان/ابريل المقبل.

ويختم قائلا وهو يلعق اصابعه بعدما اخذ قطعة بطاطس محشوة بصلصة حمراء “هذه الاطباق محضرة ليتم تشاركها.ان مشاركة الاخرين الاكل يجعلك تشعر انك جزء من جماعة”.

الصيدلي عمر التجاني يحضر المحشي مع عمته في الخرطوم

اف ب/اشرف الشاذلي
الصيدلي عمر التجاني يحضر المحشي مع عمته في الخرطوم

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقبل إقرأ أكثر