مقال الاستاذ محمد يوسف .. ليس المطلوب ان يكون في جيبك مصحف .. بل في اخلاقك آية

استوقفتنى عبارة عميقة من احد الكتاب وهو يصف احوال ( امة الاسلام ) بقوله : ليس المطلوب أن يكون فى جيبك ( مصحف ) .. بل المطلوب ان يكون فى أخلاقك ( آية ) من القرآن 

كان ذلك بعد صلاة الفجر … وانا أسارع الخطى للحاق بأول قطار عند الساعة السابعة صباحا من ميلانو الى روما….. وقلت : صلاة الفجر … الفجر الذى اقسم به الخالق فى اية لوحدها تبارك فى علاه بقوله ( والفجر ) …وقرآن الفجر استشهد به الخالق كدليل على صدق نوايا العباد وصلاح أعمالهم ..بقوله تبارك وتعالى : وقرآن الفجر أن قرآن الفجر كان مشهودا

 يتمحور ذلك ( المشهد ) أمامك وانت تحاول صباحا ان تستقل طائرة او قطار فى دول العالم المتقدم … ترى قوافل الناس أفراداً  وجماعات تتسابق على اللحاق… وبمختلف الفئات العمرية من الشاب الذى لم يتجاوز المراهقة الى العجوز الذى شارف على خريف العمر ..جميعها تتسابق بكل الارادة الصلبة حتى تصل الى أعمالها فى مؤسسة لخدمة عامة للناس او مصنع لإنتاج ما ينفع العباد او مستشفى لعلاج المرضى او مدرسة لتعليم الجيل …وغيرها من مناحى الحياة

.ويدور السؤال بخلدك ؛ هؤلاء من ( ترأهم ) لم يؤمنوا بالقرءان ولم يلتزموا بتعاليمه … وها هم يصحون باكرا دون تأخير ويلتزمون بالوصول الى أعمالهم دون تلكؤ … ويمارسون ما أوصى به القراءن من مسؤوليات الامانة بقوله تبارك وتعالى ( انا عرضنا الامانة على السموات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا ) وفى هذا يقول العلامة محمد النابلسى : اذا أحسن الانسان الامانة ارتقى لمستوى الملائكة واذا اساءها اصبح اقل من مستوى الحيوان…..وشدد رسول الله فى حديثه ( من عمل منكم عملاً فليتقنه ) على ضرورة الاتقان فى العمل لاستكمال تولى (الامانة ) …..هذا هو الاسلام الذى أرسل به محمد صلوات الله وسلامه عليه.. هذا ديننا

 ولكن من تراهم يسابقون من الصباح الزمن …هم لا يؤمنون به .ولكن .. يمارسون تعاليمه … ليس بجيب اى منهم ( مصحف) ولكن فى سلوكهم ( آية ) … اين يكون موقعهم ( يوم التناد ). وفى اى فئة يتم تصنيفهم من خالق العباد يوم يقول الحق ( وقفوهم انهم مسؤولون ) … … كيف هى صلاتهم .. وكيف هى صلاتنا … هم لا يصلون الصلاة التى نمارسها ولكنهم يمارسون ويحصدون نتائجها .. المدارس عندهم تتسابق على افضل سبل التعليم والمستشفيات تتسابق على افضل سبل العلاج والمؤسسات الخدمية والانتاجية تتسابق على افضل انواع السلع

نحن نصلى الصلاة كما امرنا بها الخالق ولكن نتائجها غير ظاهرة علينا ..سلوكنا مغاير … نحن نصحو لصلاة الفجر ونصلى شبه نيام ونعود بعدها لاحلامنا بأوهامناً أننا قد أرضينا الخالق وصلينا له كما امرنا … ونصحو بعد نوم الفجر ونتباهى بأنه افضل ساعات النوم للمؤمن . نحن لا نتسابق بعد صلاة الفجر لأعمالنا ولا نسعى ان تفتح المؤسسات التعليمية والصحية والخدمية والاجتماعية امام العباد….. هل هذا السلوك هو ما امر به الخالق … هل الخالق يريد منا فعلا ان نصحوا لنذكره فى الفجر ثم ننام…. هل العبادات من صلاة وصيام وزكاة ارادها الله لنا وسيلة لتقويم النفس ام غير ذلك …. الابتسامة لها وجه واحد على محيا  البشر … والدموع لها اكثر من وجه وأشدها ( حزناً) تلك الحبيسة فى المآقى …..لا تريد ان يرى الآخرون ضعف صاحبها … على الخدود

بالتاكيد أرادها الله وسيلة لتقييم النفس وهو القائل (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا * إنا هديناه السبيل اما شاكراً واما كَفُورا ) ..فغاية صلاة الفجر السعى للعمل من الصباح الباكر….. وغاية الصيام ترويض النفس على معرفة احوال الجياع…. وغاية الزكاة التكافل بين أفراد المجتمع وفقا لقدرة كل فرد فيه …. بهكذا مفاهيم يمكننا ان نرتقى من اننا مسلمون الى اننا ( مؤمنون ) … وبهكذا سلوك نكون فعلا أطعنا أوامر الله قولاً وعملاً … ونعود لأمة محمد صلوات الله عليه كما ارتضاها الخالق ؛ خير امة اخرجت للناس 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقبل إقرأ أكثر