رواد الأعمال الشباب في ليبيا يقدمون حلول للتعليم عبر الإنترنت خلال جائحة كوفيد-19

 
يواصل ملايين الأطفال في جميع أنحاء العالم تعليمهم من المنزل هذه الأيام، ويكافح المعلمون لضمان استمرار عملية التعلم. كما هو الحال في معظم بلدان العالم العربي، في ليبيا، أغلقت الحكومة المدارس لمكافحة كوفيد19-، في حين يسعى المدرسون والآباء والتلاميذ جاهدين حتى لا يضيعوا بقية العام الدراسي.
 
قبل كوفيد 19، كان هنالك عدد قليل جدا من المدارس في العالم العربي تستخدم التعليم عبر الإنترنت، ولكن في ليبيا، اتخذت عزيزة الحاسي وتفاحة سحيم، وأمين كشرود بالفعل خطوات أولى في هذا المجال منذ عام 2018.
 
في ذلك العام، وبدعم من الاتحاد الأوروبي، أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وتطوير للبحوث (مركز تطوير لرواد الأعمال) بهدف بناء نظام بيئي لريادة الأعمال في ليبيا. في هذا المركز، يمكن لرواد الأعمال الانضمام إلى برامج مختلفة، بما في ذلك حاضنات الأعمال، ومساحات العمل المشتركة، والتدريب فيما يخص مجالات الأعمال والتكنولوجيا، والحصول على التمويل للشركات الناشئة في جميع مناطق ليبيا.
 
في عام 2018 وخلال أحد الأنشطة التي أجراها المركز، التقى عزيزة وتفاحة وأمين وتبادلوا أفكارهم واهتماماتهم في مجال التعليم، واسسوا شركتهم الناشئة لاحقاً  “School Connect” التي تهدف إلى ربط المعلمين وأولياء الأمور لمتابعة تعليم أطفالهم.
 
بتمويل من الاتحاد الأوروبي، قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وتطوير للأبحاث للفريق منحة بهدف تمكين النساء في البلدان المتأثرة بالصراعات لإنشاء أعمال مستدامة. من خلال هذا الدعم، تطور تطبيق “School Connect” ليصبح “باندا”، ويصل في الوقت الحاضر ما يقرب من 10 آلاف طالب وولي أمر من 30 مدرسة مسجلة.
 
حل المشاكل والجهود الحثيثة للمضي قدماً
 
تقول عزيزة الحاسي، العضو المؤسس لباندا: “لقد انجذبنا إلى فكرة بناء شركة صغيرة يمكنها خلق فرص عمل في هذه البيئة القاسية ونشر تأثير إيجابي في المجتمع“.
 
تقول تفاحة سحيم، احدى المؤسسين لباندا: “أردنا حل التحديات التي يواجهها الطلاب والآباء والمدرسون خلال العملية التعليمية في ليبيا وأدركنا أن التواصل بين الأطراف المعنية هو الحل لهذه التحديات“.
 
وأضافت تفاحة: “في كثير من الأحيان، تفشل المعلومات المتعلقة بالأداء السلوكي والأكاديمي للطالب في الوصول إلى والديه، لذلك تسهل منصتها عملية نقل هذه المعلومات من المدرسة إلى أولياء الأمور. كما تساعد باندا في حل مشكلات متعددة تخص المدرسة، من خلال تلخيص الكثير من الأعمال المتكررة التي يمر بها الموظفون هناك، بالإضافة إلى مساعدة المدرسة على التخلص من النفقات المكتبية المعتادة مثل استهلاك الورق والطباعة وغيرها“.
 
تؤكد عزيزة أن الرؤية والأهداف المشتركة لمؤسسي تطبيق باندا كانت الدافع الرئيسي لتأسيسها في السوق الليبي. وتضيف: “لقد كان هذا مفهوماً تجارياً جديداً للغاية ولم نكن متأكدين تماماً من أن إدارات المدارس وأولياء الأمور سيؤيدون هذه الفكرة، كنا قلقين من احتمالية رفضهم للحلول التكنولوجية المتقدمة التي يعرضها باندا“.
 
كان السيد مصطفى بلحسن، مدير أحد المدارس في ليبيا، من أوائل مؤيدي التطبيق. وبعد عدة اجتماعات مع الفريق قرر بدء دمج باندا رسمياً في مدرسته، حيث صرح: “لقد تأثرت بالفكرة منذ البداية وفوجئت بإيجاد شباب في أوج حياتهم يمتلكون مثل هذه القدرات مع حلول تكنولوجية عملية لمشاكل التعليم“.
وتقول عزيزة الحاسي: ”إن السيد مصطفى شخص شغوف ويدعم استحداث التقنيات. وعلى الرغم من الظروف المحيطة المعقدة، فإنه يدير مؤسسة ممتازة ومنظمة جيداً، لكنه كان يعاني من صعوبة في نقل المعلومات بشكل فعال. إن الأساليب التقليدية لم تستطع ببساطة مواكبة كمية المعلومات التي يجب إرسالها، مما يعني أن الآباء لا يملكون الصورة الكاملة لمستوى أطفالهم الدراسي.
 
دخول عالم ريادة الأعمال: تحديات كبيرة في المستقبل
 
إن فكرة التطبيق الإلكتروني هي فكرة جديدة على النظام التعليمي في ليبيا. وبالتالي، قرر أعضاء باندا إطلاق حملات توعية بأهمية التواصل بين أولياء الأمور والمدارس، والدور الهائل الذي يمكن أن تلعبه التكنولوجيا يالخصوص، ولكن واجهت جهودهم تحديات كبيرة.
 
يوضح السيد أمين كشرود أحد مؤسسي باندا: “إن الناس في ليبيا غير معتادين على استخدام المنصات عبر الإنترنت، بخلاف وسائل التواصل الاجتماعي الاعتيادية مثل فيسبوك وانستقرام. كما يبدو تحفظهم ازاء أي تطبيق أو نظام جديد ويجنحوا إلى التعجيل بالحكم على الأنظمة الجديدة بأنها أنظمة معقدة. ومن هذا المنطلق، بدأنا في عقد جلسات وندوات في مدارسنا لتعريف الآباء بفوائد خدمتنا“.
 
كوفيد-19 والاستدامة
 
مع انتشار وباء كوفيد-19 على مستوى العالم، في ليبيا، استأنفت العديد من المؤسسات التعليمية تدريس مناهجها من خلال المنصات والمواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، لذلك كان على فريق باندا العمل بشكل مكثف للتكيف مع الوضع.
 
وتوضح عزيزة: “كان علينا أن نخطو خطوة جديدة لتشغيل خدمتنا آلياً حتى تصبح مناسبة لنقل المحتوى الأكاديمي. كما بدأنا في تنظيم عملية إرسال المحتوى التعليمي إلى المدارس التي نعمل معها، للوصول إلى الطلاب في منازلهم. وتواصل قائلة: “لقد فتحنا الباب أيضاً أمام أي طالب، حيث يمكنه تنزيل المحتوى حتى ان لم تكن مدرسته مسجلة في باندا“.
 
عامان منذ الإطلاق: الإمعان في أكثر اللحظات التي لا تنسى
 
توسع فريق باندا بشكل كبير، ما خلق فرص عمل للشابات والشبان، حيث قاموا بتنظيم 40 ورشة عمل وتقديم 65 دورة تدريبية للمدارس حول كيفية استخدام التطبيق.
 
تقول تفاحة سحيم: “يبدو الأمر وكأنه حلم عندما أتذكر بدايات عملنا على التطبيق“.
وتقول عزيزة: “كانت بدايتنا متعبة، حيث تميزت بالعمل الدؤوب للوصول إلى ما نحن عليه اليوم“.
 
يضع المؤسسون نصب أعينهم الهدف المتمثل في الوصول إلى 60 مدرسة هذا العام.
 
ويقول أمين: “نحن لن نتوقف عند هذا الحد، لقد أنشأنا منهجاً صغيراً يركز على التكنولوجيا، ونقدمه إلى جميع المدارس المسجلة في باندا، حيث تقوم كل مدرسة بتقديم فريق للمشاركة في تدريباتنا والتنافس ضد بعضها البعض ”.
 
هذه ليست النهاية بل هي البداية فقط
 
يواصل مؤسسو باندا العمل على تزويد الطلاب بعدد أكبر من الدروس لتجنب انقطاع العملية التعليمية الخاصة بهم. تقول تفاحة: “تأمل شركتنا، على المدى الطويل، أن تصبح معياراً لتكنولوجيا التعليم في الدولة والمنطقة بأكملها“.
 
وتضيف عزيزة: “نصيحتي لأي شخص يريد البدء في تأسيس مشروعه الخاص هو التأكد من إنشاء أفضل فريق والحصول على أفضل دعم. إن كيمياء العمل بين أعضاء الفريق أمر أساسي لتحقيق النجاح.“
 
فمنذ تأسيسه، ألهم المركز العديد من الشباب والشابات في جميع أنحاء البلاد لبدء إنشاء مشاريعهم الخاصة بهم، واعتماد تقنيات مبتكرة ومواكبة التطورات العالمية في جميع القطاعات، بهدف عام ألا وهو رفع كفاءة وقدرة القطاع الخاص في ليبيا.
 
ويختتم أمين قائلا “إن دور فريق حاضنة مركز تطوير لريادة الأعمال في تقديم الدعم والتوجيه كان بالغ الأهمية وحيوي بالنسبة إلى باندا للتكيف في ظل التحديات التي يفرضها كوفيد-19 بالنسبة للتعليم، ولازلنا نعول على دعم الفريق لتحقيق جميع أهداف أعمالنا”.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقبل إقرأ أكثر