خيار الملكية الدستورية فى ليبيا..هل يرى النور ؟

خاص- المختار العربى 

منذ انتهاء حقبة حكم العقيد معمر القذافى ودولة الجماهيرية فى عام 2011 عانت ليبيا من جملة من الإضطرابات السياسية والأمنية والعسكرية أدت الى حالة من عدم الإستقرار الدستورى والقانونى والمؤسساتى مرت عبر مراحل مختلفة من محاولات البحث عن توافق وطنى كان أبرز محطاته الإتفاق السياسى الذى عرف ب “إتفاق الصخيرات” عام 2015 تحت رعاية الأمم المتحدة وبعثتها للدعم فى ليبيا , ولكن هذا الإتفاق السياسى واجه عراقيل حدت من قدرته على تحقيق المنشود منه , خاصة مع تصاعد حدة القتال الأهلى وبتدخل أطراف دولية بشكل مباشر فى الصراع الليبى مما زاد فى حالة الإنقسام والإستقطاب السياسى والمؤسساتى والمجتمعى المستعرة منذ سنوات

وفى ظل هذه الحالة المركبة والمعقدة, يبرز الحراك الملكى الداعى الى إعتماد منهج المملكة الدستورية البرلمانية الذى أُقر عند تأسيس الدولة فى ليبيا فى أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية كأحد الأطراف التى تتبنى طريقاً مختلفا عن سواه من التيارات الليبية وإتخاذه مسارا ينأى به عن الصراعات والتجاذبات التى شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية 

وفى ظل تصاعد الدعوات الدولية مؤخرا التى تحض الأطراف الليبية على العودة الى طاولة الحوار لعل أبرزها تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش, أصدرت مجموعة من قيادات التيارات المكونة للحراك الملكى بيانا أكدوا فيه على أن الحل الأمثل لإيقاف نزيف الدم الليبى والحفاظ على وحدة البلاد وإستقلالها والحفاظ على مقدراتها وثرواتها هو في العودة للشرعية الدستورية المتمثلة فى المملكة الليبية وإطارها القانونى المتمثل فى الدستور الليبى للوصول الى دولة المؤسسات والديموقراطية 

وفى هذا السياق يؤكد الناشط السياسى الأمين الشتيوى رئيس المنظمة الليبية للعودة للشرعية الدستورية فى تصريحات خاصة لـ المختار العربى أن عودة الملكية إلى ليبيا ليست سابقة غريبة فى التاريخ فاسبانيا كمثال عادت للملكية الدستورية بعد سقوط الديكتاتور فرانكو الذي حكم لعقود طويلة

ويضيف الشتيوى أن “ولى العهد الليبى الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي  له ارضية شعبية بين المكونات الإجتماعية الليبية وهو لم يأخذ صف أى من الأطراف المتنازعة مما جعل له قبولاً لدى الجميع، فليس لديه فريق ينحاز إليه أو أيديولوجية ينتمى إليها أو مليشيا يدعمها، وهذا يرشحه للعب دور يجمع البلاد ويوحدها تحت رايه دستور ينبثق عنه حكومة ومجلس نواب موحد، فليس من المعقول أن تكون ليبيا مزدوجه المؤسسات برلمان فى الشرق وآخر فى الغرب . كما أن لدى الأمير محمد السنوسي رساله سلام للجميع ولم يأتي لينتقم من أحد أو يصفي حسابات مع فريق على حساب آخر فكل تصريحاته تدعو للسلم وتوحيد الصف الليبي وبناء دوله دستوريه يحكمها القانون

وفى السياق نفسه أكد السيد اشرف بودوارة رئيس المؤتمر الوطني لتفعيل دستور الإستقلال وعودة الملكية الدستورية، أن العودة للملكية الدستورية حل مطروح بقوة للخروج من جدلية الشرعية والمشروعية والاقتتال الليبي الحالى الذى يعصف بكيان ليبيا كله

واضاف السيد بودوارة أن ليبيا يجب أن تعود للدستور المعترف به أمام الأمم المتحدة، فدستور ليبيا الذى حكم البلاد فى عهد الملك ادريس السنوسي رحمه الله يعد من أفضل دساتير العالم ولديه مشروعية حقيقية ومعترف بها دوليا وإن كان قد تم تعطيله بعد الإنقلاب الذى قاده معمر القذافى وهذا هو السبب فى ازمات اليوم، فنظام الحكم الملكى هو طوق النجاة وبه تحديد المسؤوليات وكيفيه بناء المؤسسات بدلا من الوضع الفوضي الحالى، ذلك الوضع المدمر لبنيه بلادنا بالصراع والحرب وازدواجية المؤسسات

ونوه السيد بودوارة أن “الدستور الملكى به نص واضح أن أفراد الأسرة المالكة لا يحصلون على ألقاب أو امتيازات ولا يسمح لأحد منهم بتولى مناصب هامة بالدولة عدا ولى العهد ولذلك نطالب بعودة الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي لأنه يستطيع توحيد الليبيين وتوحيدهم تحت راية دستور معترف به دوليا ودستور تبنى عليه مؤسسات حقيقية وتجعل ليبيا مستقرة”حسب وصفه

وفى تصريحات خاصة ب المختار العربى يقول السيد خالد الصاري رئيس حراك العودة للشرعية الدستورية – زليتن، إن عودة الملكية يتمثل في وجود دستور توافقت عليه الامة الليبية ليكون شهادة ميلاد دولتها الحديثة الموحدة وهو الدستور الذي تم تعطيله بفعل إنقلاب عسكري و بزوال القوة القاهرة التي فرضت التعطيل اصبحت أمامنا فرصة لعودة الشرعية الدستورية بتفعيل دستور الاستقلال للتخلص من الفراغ الدستوري والمؤسساتي والعودة للملكية الدستورية

وأكمل السيد الصارى قائلا “أما تحقيق الملكية الدستورية على أرض الواقع أمر ليس بالسهل لكن يوجد إجماع بين المطالبين بالعودة للشرعية الدستورية و بضرورة التواصل المستمر مع جميع الاطراف والمؤسسات الموجودة في المشهد السياسي الحالي ودعوتهم لاتخاذ العودة للشرعية الدستورية كمبدأ للوفاق وهذا ما نعمل عليه منذ سنوات مع الاستمرار في بناء قاعدة شعبية داعمة لهذا الخيار وتطوير الحراك المدني السلمي المطالب بالعودة للشرعية الدستورية وهو ما اصبح حقيقة في اغلبية المدن الليبية

واضاف السيد الصارى – نحن نطمح لعودة دستور الاستقلال الذي ينص على ان ليبيا دولة ملكية نظامها نيابي فيها مجلس أمة مكون من مجلسين: مجلس نواب ومجلس شيوخ فالملكية التي نطالب بها هي الملكية الدستورية التي يمكن تطويرها بإجراء تعديلات في الدستور وفق ألياته وبمؤسساته

ويقول السيد سامى العالم منسق المبادرة الوطنية لتفعيل الملكية الدستورية،  أن عودة الملكية الدستورية فى ليبيا لها سند شرعى فدستور الإستقلال المعدل بسنة 1963 والذي تم تعطيله من قبل العقيد القذافى ونظامه بعد الإنقلاب  لايحتاج لتفعيله سوى تسلم ولي العهد لمهام الملك الى حين استكمال باقي الإستحقاقات الدستورية، على الوضع الذي تركت عليه الملكية البلاد في يوم الحادي والثلاثين من أغسطس عام 1969

وأضاف السيد العالم فى تصريحاته لـ المختار العربى “نحن نسعى لعودة الحياة الدستورية في ليبيا ونحن كنشطاء التيار الملكي لانملك تغيير أو تعديل أي شئ فى الدستور ولا ولي العهد يملك ذلك، إلا وفق آليات التعديل المنصوص عليها في الدستور نفسه ، والمملكة الليبية بطبيعتها مملكة دستورية وليست ملكية مطلقة أو شبه دستورية ودستورها الذي لم يتم التعديل عليه منذ سنة 1963 يعتبر من أفضل وأرقى الدساتير في العالم كونه دستور مرن ولايحتاج إلى تكرار التعديل، فهو مختصر وضامن للحقوق وللقانون الذي بطبيعته هو القابل للتعديل

وتابع السيد العالم فى تصريحاته قائلا  “بداية عودة المملكة الدستورية هو ليس بطرح وإنما هو خيار حقيقي يعتبر من أفضل الحلول المطروحة على الساحة السياسية الليبية وحل شامل لكل المشاكل الراهنة حسب وجهة نظرنا والتي يشاطرنا بها الرأي العديد من القوى الوطنية والقوى الإجتماعية في ليبيا، فكل الحلول تستند على الإتفاقات بين الخصوم والفرقاء السياسيين الذين يتحكمون في المشهد السياسي منذ ثورة 17 فبراير ولاتستند إلى أي سند دستوري وقانوني

محمد سليمان

عفيفي الورداني

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقبل إقرأ أكثر