الانتخابات الليبية .. ورياح الإرادة الدولية

“تجري الرياح بما لا تشتهي السفن”

مثل عربي قديم، قد يبدو غريباً عن الإرث التقليدي لمنطقتنا العربية المشهورة بطبيعتها المتصحرة وسكانها الذين اعتادوا الترحال في ما عدا بعض المراكز الحضرية التاريخية مثل بغداد ودمشق وبلاد مصر وشمال أفريقية. وتلك الأخيرة ربما كان المثل قد نشأ في إحدى مدنها الساحلية في طرابلس أو تونس أو غيرها ، والتي شكل فيها البحارة  جزءاً مهماً من النخبة السياسية والعسكرية خصوصاً خلال فترة الحكم العثماني الذي امتد لعدة قرون

كالسفينة التي تحتاج إلى ربان يقودها، بدأ السباق الانتخابي، الرئاسي والنيابي، في ليبيا بطريقة لا تتخلى فيها  البلاد عن تفردها وخصوصيتها في تقديم الجديد، ربما بدون رغبة منها أو اختيار وإنما لطبيعة لا زال “المجتمع الدولي” يبحث عن قالب يفسرها

كالسفينة التي تقودها الرياح أكثر مما يقودها ربانها، يبدو مسار الانتخابات في ليبيا مقرراً ، نحو بداية جديدة يطمح إليها الليبيون، وإن كانت غير واضحة المعالم، ولكن بلا شك وفي نظر الكثيرين أنها تمثل حركة ديناميكية بعيداً عن حالة المواجهة التي كادت أن تفتت البلاد في السنوات القليلة الماضية، حتى وإن النقاش حول طبيعة العلاقة ومحدداتها بعد انقضاء الانتخابات، مؤجلاً 

وكالسفينة التي تهب عليها الرياح من من كل صوب، يحاول الليبيون الحفاظ على مسار الانتخابات وعدم التركيز على ما سينتج عنها أو ماذا سيكون عليه الأمر يوم الخامس والعشرون من ديسمبر نهاية هذا العام، فالجهد يجب أن ينصب على الخروج من العاصفة قبل أن يبدأ النقاش حول إصلاح الأعطاب ورتق الثقوب التي أصابت بدن البلاد خلال العشرية الفائتة

وكحال بعض السفن عندما تتعالى الأمواج التي ترغب في تحطيمها واشتداد الرياح التي تتجاذبها، يلجأ البعض إلى التفكير من تخليص سفينة الوطن من حمل زائد يعتبرونه مهدداً لسلامتها وعائقاً أمام نجاتها.

السفينة الليبية تجري لمستقر لها، هذا تم تأكيده في المؤتمرات والبيانات واللقاءات التي التأمت خلال الأشهر والسنوات الماضية، ولكن مستقرها لا إطار له حتى الآن، في ما عدا المبدأ الذي يؤكد عليه “المجتمع الدولي”، وهو أن المشهد يجب أن يشمل الجميع ، وهو في الحقيقة المبدأ الذي كان غائباً طوال السنوات الفائتة ، وهو ما دشنه الحوار السياسي الليبي الذي انطلق بعد صمت البنادق والمدافع منتصف العام الماضي

فالمجتمع الدولي أدرك؛ أنه لا يمكن بناء نظام سياسي مستقر إلا بضمان المشاركة المجتمعية الكاملة والواسعة التي لا يحجر فيها علي أي طرف الحق في التعبير عن رأيه من خلالها، ففي النهاية هذه هي الديمقراطية بتعريفها الدولي ومن هنا تكون الانتخابات هي الغاية ( بالنسبة للمجتمع الدولي) أم ما سيأتي بعدها، فسيعود كليةً لما يقرره الليبيون !

د. مـالـك الشـاوش

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقبل إقرأ أكثر