الجزيرة والمشاهد العربي

المختار العربي – خاص

حافظت قناة الجزيرة الفضائية على المستوى الاول في أعداد مشاهدي القنوات العربية لعام 2015، حيث بلغ متوسط أعداد مشاهديها يوميا خمسون مليون مشاهد، بفارق كبير عن أقرب منافسيها وبما يتجاوز مجموع خمس قنوات مشهورة أخرى،  ولكن مالذي جعل ” الجزيرة ” قادرة على آلإحتفاظ بهذا القدر من المتابعة من قبل المشاهد العربي؟

وحدة .. ورمز؟

منذ انطلاقتها في منتصف التسعينيات من القرن الماضي من مدينة الدوحة في قطر، استطاعت قناة الجزيرة أن تستقطب وتستحوذ بالكامل على انتباه و متابعة المشاهد العربي الذي كان في ذلك الوقت عازفا ً بشكل تام عن مشاهدة القنوات التقليدية العربية المحلية، واستطاعت الجزيرة أن تصبح المصدر الرئيسي للخبر والمعلومة. كما كان للبرامج الحوارية والوثائقية التي اتخذت شكلا وروحاً مغايرين لما اعتاد عليه المشهد الإعلامي العربي، كان لهذه البرامج تأثير الصدمة على المشهد الاعلامي والثقافي، بل والإجتماعي أيضا، في ترددات لا يزال يسمع صداها من المحيط الأطلسي الى الخليج العربي حتى الآن

ورغم أن متابعي ومشاهدي قناة الجزيرة هم من فئات متعددة  اعماراً وأفكاراً، ومنهم نسبة مهمة تختلف معها على مواقف واتجاهات الاخبار والأرآء ، إلا أنهم يجمعون  على مشاهدتها .  أحد المراقبين علّق بأن الوحدة العربية حقيقةً لها رمزها في  كل مرحلة،  والجزيرة رغم الملاحظات على تناولها في بعض المواضيع بقت هي  ( الرمز العربي الجامع ) لفترة طويلة، مما يعرضها بين الفينة والأخرى لحملات و دعاية تحتاج تفاصيلها الى ” تدقيق “

عجائب الدنيا السبع … والتمويل 

 وصف أحد الإعلاميين في تعليق له  قناة الجزيرة بأنها ” من عجائب الدنيا السبع” ، في معرض الحديث عن قدرة قناة الجزيرة على الإستمرار ومواجهة هجمات حاولت أن تنال منها، ليس على المستوى الإقليمي فقط، بل على المستوى الدولي أيضاً، ولعل المثال الأوضح على ذلك ما تعرضت له ابان الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق .لكن الملاحظ أن الحملات التي تشن عليها تزيد من اعداد مشاهديها في الدول العربية، خاصة في مصر والعراق وسوريا ودول الخليج ، والعجيب أنه في الوقت الذي تحظى فيه قنوات رئيسية بتمويلات ضخمة من الدول الداعمة،  مالت ميزانية الجزيرة إلى التوازن بفضل مداخيلها من قنوات شبكتها المتعددة  والمتنوعة، ولعل أبرزها الذراع الإعلامي الرياضي “بي ان سبورت”

رياح “الربيع”

شكل ما سمي ب “الربيع العربي” نقطة تحول هامة في العلاقة بين المشاهد في المنطقة ووسائل الإعلام العربية، حيث بدا واضحاً حالة الذهول التي أصابت العديد بل أغلب القنوات العربية، التي كانت تفتقر الى الحرفية اللازمة لمواجهة الطوفان اليومي من الأحداث والأخبار العاجلة مع ما تحمله من غموض في الرؤية والمصداقية في كثير من الأحيان. برزت “الجزيرة” في المشهد الاعلامي مرة أخرى بشكل محترف، وقدرة كبيرة على التعامل الميداني مع متغيرات ومعطيات الأحداث، ولعل أغلبنا لا زال يذكر تغطية أحداث ميدان التحرير في ما عرف ب”ثورة 25 يناير” ولعل “الربيع العربي” أسقط أول ما أسقط الكثير من الواجهات الإعلامية البراقة التي فقدت متابعيها ومشاهديها، اتفقوا أم اختلفوا في مواقفهم السياسية من الأحداث الجارية ذلك الوقت

التغيير والتطوير  

مع كل ما أسلفنا، يبقى السؤال : هل يكفي هذا؟ لا يخفى على أحد من المتابعين والمهتمين بالشأن الإعلامي، أن مجال الإعلام دائم الحركة والتجدد، وأن الركون إلى الإسترخاء المبني على الثقة لا مكان له في هذا المجال، وإذا كانت الجزيرة في بداياتها قدمت تجديداً في المشهد الإعلامي، فإنها تجد نفسها أمام هذا التحدي بالذات، التجديد والتطوير، الذي يجب أن يطال نواحي عديدة في بنيانها، لا من ناحية الشكل والإخراج الفني فقط، بل في مضمون وديناميكية طرحها وتفاعلها من المشاهد العربي   

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقبل إقرأ أكثر