كيسنجر : الشرق الأوسط أكبر تحدي تواجهه الولايات المتحدة

المختار العربي 

  في مقال نشر لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق يوم الجمعة الفائت في صحيفة وول ستريت جورنال، هنري كسنجر، الذي يعتبر أحد مهندسي اتفاق السلام الذي وقعته مصر مع إسرائيل في عام 1977، والذي فتح الطريق أمام اتفاقيات السلام الأخرى التي وقعت بعد ذلك كاتفاق أوسلو ووادي عربة وغيرها ؛  وضع فيه تصورا للخروج من “انهيار الشرق الأوسط ” كما عنونه .

تراجع الدور الأمريكي 

  ولاحظ كيسنجر التراجع الملحوظ للدور الأمريكي في المنطقة لصالح التوسع الروسي ” الأحادي الجانب” غير المسبوق حسب وصفه، بعد أن سيطرت الولايات المتحدة على المنطقة منذ أيام حرب الخليج الأولى مع انهيار الإتحاد السوفييتي وبزوغ فجر الحرب على الإرهاب في بدايتات القرن والذي نجحت فيه أمريكا في حشد تحالف عالمي من أجله شمل دولاً عديدة من منطقة الشرق الأوسط 

 دول “تركيب ” … والصراع “السني – الشيعي”

   ويصف كيسنجر في مقاله كيف أن “الدول التي جمّعت أو أُستحدثت على عجل في بدايات القرن الماضي في منطقة الشرق الأوسط” مشيراً إلى الدول العربية، قد بدأت بالسقوط والتشرذم،مستشهداً بدول كليبيا واليمن وسوريا ؛لأنها لم تكّون على أسس ” أهلية” سليمة حسب تعبيره

ويستطرد كيسنجر في مقاله، فيشرح كيف هيئت حالة الفراغ التي ولدت من انهيار هذه الدول “التركيب” المناخ المناسب ل “فصائل الفوضى والإجرام” كداعش وغيرها ، كي تفرض سيطرتها على مناطق ومساحات شاسعة مما تبقى من هذه الدول . ويبدو كيسنجر محذراً أو ” متنبئاً” بأن دولاً أخرى في المنطقة شبيهة من حيث “التركيب المتناقض”، ربما يطالها المصير نفسه لتقادم عمرها وسقوط صلاحيتها

ويسهب كيسنجر في الحديث كيف أن الوجود السني العربي يتعرض إلى تهديد من إيران تحت ستار الصدام السني – الشيعي الذي أججته حركات يفترض أنها سنية في الأصل كداعش، إلا أن إيران تخفي طموحاً “إمبراطوريا فارسياً” وراء هذه الدعوات الطائفية، متفهماً تخوفاً خليجياً من هذا الأمر، وكيف أن إيران تحاول أن تستغل صفقة الإتفاق النووي لمصلحتها في ترتيب أوراقها في المنطقة والأنطلاق لبناء محاور جديدة لسيطرتها، وإن لم تسر الأمور بسلاسة مع روسيا كما كان متوقعاً

دولة سنية وأخرى علوية في سوريا  ؟

يدعو كيسنجر الإدارة الأمريكية، من خلال مقاله، بأن تأخذ زمام المبادرة من روسيا التي تتحجج بالخوف من الحركات المتشددة التي قد تصل، إن لم تتم محاربتها، إلى حدود روسيا الجنوبية في القوقاز ؛ بأن تقوم الولايات المتحدة بمحاولة بناء دولة سورية “فدرالية” يكون فيها السنة ولاياتهم، بمساعدة من دول المنطقة “السنية” المحيطة بها، ودولة علوية يتولى فيها الأسد دوراً قياديا بما يمنع حصول أي تصفية عرقية ، ورجوعاً إلى منطق التركيب الإثني الجغرافي، وقاطعاً الطريق على الجماعات الإرهابية من أن تسيطر على هذه المناطق، بمساعدة أمريكية بالطبع الذي سيكون دورها مهماً للعب دور الراعي والوسيط المطمئن، للدول السنية من جهة وإيران من جهة أخرى، التي يخلص كيسنجر، إلى أنه لن يكون أمام الولايات المتحدة إلا أن تتعامل وتتعاون معها مستقبلاً من أجل إنجاح هذا التصور

الشرق الأوسط .. أقسى تحدي

ويختم كيسنجر مقاله بعبارة أشبه بالنصيحة إلى الساسة الأمريكين، بأن الشرق الأوسط سيكون هو أهم التحديات التي تواجه الولايات المتحدة في القرن الواحد والعشرون، وربما أكثرها خطورة، وأن هذا التحدي لن يكون عسكرياً بقدر ما سيكون اختبارا لنجاعة وقدرة السياسة الأمريكية على فهم متطلبات العالم الجديد والسيطرة عليه

الصورة ورابط المقال من وول ستريت جورنال

http://www.wsj.com/articles/a-path-out-of-the-middle-east-collapse-1445037513

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقبل إقرأ أكثر