قراءة في البيان المشترك الصادر حول الأزمة الليبية

خاص المختار العربي

بيان جديد حول ليبيا  يصدر عن حكومات الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا ومصر والإمارات يحمل بين طياته عدة رسائل وإشارات هامة لأطراف النزاع ، لعل ابرزها التشديد علي أن لا حل عسكري للأزمة وعلي الضرورة الماسة الي العودة الي المسار السياسي برعاية أممية ، اللافت للنظر أن البيان استخدم لغة الأرقام هذه المرة مشيرا الي اعداد الضحايا والنازحين جراء الاقتتال استنادا الي تقارير مكتب الشؤون الانسانية بالامم المتحدة  مشددا علي الالتزام الكامل بمحاسبة المسؤولين عن حالة عدم الاستقرار في رسالة مؤداها   ان الرقابة الدولية مستمرة ولا شئ يمر هكذا دون توثيق !

  ثلاث قضايا محورية تطرق اليها البيان ربما  تمثل الهاجس الاكبر للاسرة الدولية ويزيد من تفاقمها استمرار القتال وتوسعه نستطيع ان نرتبها من حيث درجة الاهمية كالتالى اولا خطر تنامي  الجماعات الارهابية واستغلالها لحالة الفراغ الأمني لتشكيل  قاعدة في غرب المتوسط تتحول الي رأس حربة لتنفيذ عمليات ارهابية عنيفة في اوربا  ، ثانيا استمرار تدفق موجات الهجرة غير الشرعية وتضاعفها علي  يد عصابات تجار البشر الذين لن يألوا جهدا في استغلال مناخ الفوضي  لتحقيق اكبر قدر من المكاسب  ، ثالثا  التهديد المحتمل لزعزعة  استقرار   قطاع الطاقة مما يؤدي الي تذبذب الانتاج وربما توقفه  وما سيترتب علي ذلك من انعكاسات سلبية  علي اسواق النفط والغاز العالمية خاصة في ظل السياسات الامريكية الحالية في هذا الصدد .

وفيما بدا وكانه تجديد للثقة في  المبعوث الأممي الحالى السيد غسان سلامة مع اقتراب انتهاء ولايته  ، اكد البيان علي دعمه الكامل للمبعوث الأممي وما يقوم به من جهود في اطار التهدئة وبناء الثقة ومن ثم العودة الي الحوار و المسار التفاوضى وعملية سياسية جديدة قد تكون بقواعد مختلفة مصحوبة بضخ دماء جديدة،  تتكئ هذه القراءة على امرين أولهما هو خلو البيان من اي اشارة الي  الاجسام الحالية بما فيها حكومة الوفاق المعترف بها دوليا  بالاضافة الي  الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات الذي طالما حملت البيانات الدولية تأكيدا  علي انه “الاطار الوحيد للحل ” ! وثانيهما هو الاشارة المباشرة الي تشجيع تشكيل حكومة انتقالية تمثل جميع الليبيين وتشرف علي الانتخابات البرلمانية والرئاسية ولعل الاجتماع الاخير لعدد من اعضاء البرلمان في القاهرة يصب في هذا الاتجاه .  

بالإضافة الي ما تقدم فقد حوي البيان اشارة  الى ما يمكن ان نطلق عليه احد اهم روافد الصراع  الا وهي “الثروة” وضرورة التوزيع العادل للموارد وربط ذلك بوجود سلطة منتخبة من ناحية وباعادة التئام المؤسسات السيادية من ناحية اخري وعلي رأسها البنك المركزي !

كما لم يغفل البيان في ختامه من رسالة تذكير للاطراف الاقليمية  الداعمة لاطراف النزاع بقرارات مجلس الامن التي تشدد علي حظر توريد الاسلحة .

ورغم هذه الرسائل والاشارات الواضحة والمباشرة في بعض الاحيان والتي تمثل الموقف الدولى تجاه الوضع في ليبيا والتي قد تكون توطئة لموقف اكثر جدية وصرامة في المستقبل القريب  بيد ان اطراف النزاع وحتي هذه اللحظة لا يبدو انها قادرة علي التفاعل مع هذا الطرح والتماهى معه بايجابية  وتشعر بان اللحظة الحاسمة التى سيلتزم فيها الجميع بالتهدئة ثم وقف اطلاق النار  لم تحن بعد وبالتالي حرب تكسير العظام مازالت مستمرة و الفرصة سانحة لكسب اراضِ جديدة وتعزيز موقفها للوقوف علي ارضِ صلبة فى اى مفاوضات قادمة ورفع سقف المطالب مع تقديم حد ادني من التنازلات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقبل إقرأ أكثر