هل يقبل الليبيون الاكتفاء بحكومة “تساعية”: مجرد اقتراح ؟

المختار العربي – خاص

يبدو المهندس فائز السراج – رئيس الوزراء الليبي المكلف – وهو المعماري الخبير ، على موعد مع اختبار “تشييدي” . فبعد رفض البرلمان الليبي في طبرق للتشكيلة “الطويلة ” المقترحة لحكومة التوافق والتي تتناقض مع الطرز المعمارية التي اشتهر بها البناء في ليبيا والتي عرفت بمبانيها التي لا تتجاوز التسعة طوابق (قبل عصر بناء الابراج ) ، وإعطاء المجلس الرئاسي نفسه مهلة عشرة أيام ، تنتهي الخميس القادم ، لتشكيل حكومة “أقصر” من حيث العدد و”أفضل” من ناحية كفاءة مرشحيها 

إنها مهمة قد تكون صعبة : ولا تبدو أي محاولات لاستشراف الآليات الناجعة والمقاربات الناجحة للخروج بتشكيلة شاملة وجامعة للمكونات والآراء الليبية المتباعدة – التي تكرس معظمها بالقوة – بالأمر اليسير . تحت القواعد الاستثنائية الراهنة للعبة السياسية الليبية التي رسمت كثير من ملامحها منذ إنشاء أول حكومة ثورة برئاسةالسيد عبدالرحيم الكيب ، والتي استمرأت المحاصصة الجهوية والقبلية ، مع ملاحظة التوزيع غير المتناسب مع التكوين الاجتماعي الليبي واستثناء مكونات اجتماعية كبيرة ومهمة ،  وجعلتها سنة سياسية لم يستطع من خلف السيد الكيب من رؤساء وزراء أن يفلت من حبائل مشاكلها 

 فأصبح عداد وزراء ووكلاء وزارات الحكومات الليبية في ازدياد ، ولم يلحظ المواطن الليبي إلا نقصانا في أداء مهماتها وقصورا في النهوض بمسؤلياتها . وفي الخلاصة ؛ لم يلبث حبر اتفاق الصخيرات أن يجف حتى بدأت عجلة الممحاكات والمزايدات والتهديدات السياسية وغيرها في الدوران وأصبح الجميع ينادي بمنحه مكانا في الوزارة المقترحة التي إن أراد المهندس السراج أن يجعلها ممثلة لرغبات المؤثرين على الساحة السياسية فلن يستطيع حصر أعداد وزراءها في العشرات بل قد يضطر أن يستعين بخانة المئات ليرضي الجميع

وقد تبدو بعض المقترحات التي تشكل نوعا من التفكير ” خارج الصندوق ” مفيدة لكسر الحلقة الجهنمية المفرغة التي دار فيها من سبق المهندس السراج في رئاسة الحكومة :

حكومة ” تُساعية ”  

لا شك أن المجلس الرئاسي برئيسه وأعضائه الثمانية يمكن أن يشكل حكومة مصغرة وفاعلة قادرة على إدارة شئون الدولة في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة و مطلوب منها اعادة تسيير الخدمات والاشراف على المؤسسات القائمة فعلا بهيكلها الوظيفي المتوفر ، وبامكان كل عضو من أعضاء المجلس الرئاسي أن يجمع بين وزارتين كأن يجمع رئيس الوزراء بين منصبه ومنصب وزير الخارجية مثلا أو أن يتولى أحد الأعضاء الآخرين قطاع المالية ولاقتصاد والتخطيط في آن ، وآخر لقطاع الصحة والضمان والشؤون الاجتماعية .. الخ ،  وهذا الجمع بين الوزارات سيحقق هدفين أساسين 

أولاً :  تجنب اللغط الناتج عن عملية اختيار الوزراء وانتماءاتهم المناطقية والقبلية وأيضا تحديد أيهم يحصل على الوزارات “المهمة ” مما سيوفر على الحكومة ورئيسها تحقيق المهمة المستحيلة المتمثلة في الحصول على رضا جميع المكونات الاجتماعية و”السياسية” في ليبيا من غير تجاهل اي منها ، فالمجلس الرئاسي تم التوافق عليه سلفاً وليس في حاجة ل “محاصصة ” جديدة 

ثانياً : تجنب أي نوع من الصدام أو “سوء التفاهم ” الوظيفي بين أعضاء المجلس بأعضائه التسعه وأي عدد من الوزراء الذين سيكون عليهم أن يرجعوا للمجلس الرئاسي لعرض مقترحات القرارات للتصويت مما قد يشكل كابوسا إجرائيا لن يجعل بامكان حكومة التوافق من أن تنجز أية أعمال  ، خصوصا وأن عمر هذه الحكومة منصوص عليه بعام واحد أو ما يزيد بقليل  ، مع ملاحظة ان اختيار الوزراء لكافة القطاعات سيكون معه تداخل في الاختصاصات بينهم وبين أعضاء المجلس الرئاسي الذين لا حقائب محددة لهم في الحكومة

المادة الثامنة .. وقيادة الجيش

يبدو من الواضح أن الدخول في تفاصيل المادة الثامنة لن يؤدي إلا إلى توسط شياطينها بين ردهات المجلسين النيابي والرئاسي ، إذا فلماذا لا يتم تجاوزها مرحليا ، ويعمد المجلس الرئاسي إلى تثيبت قيادة الجيش الحالية وعدم تخصيص منصب لوزير الدفاع ، وهذه حقيقة ليست بالبدعة السياسية، فكثير من دول العالم لا يوجد فيها وزير للدفاع وتكتفي بهيئة أركان تشرف على قيادة الأسلحة المختلفة في الجيش

أما مسألة المحصاصات الضرورية بعد هذا ، سيكون مجالها مؤسسات الدولة وهيئاتها ، وهي كثيرة ، وبعضها أعظم أهمية وصلاحيات وامكانيات من بعض ” الوزارات” ..وهي كفيلة بالاضافة الى  مناصب الوكلاء والمدراء بمراعاة التوازنات التي أشرنا اليها ، حتى تنهض الدولة في هذه المرحلة الانتقالية وبعدهل لكل حادث حديث

ربما تكون هذه المقترحات مقدمة لمهندس بارع ؛ كفيلة ليجعل حكومته ” قلعة ” حصينة ويحميها من رياح الشك والتناقض والحسد والتنازع كما سترضي مجلس النواب ، يقتنع بها المؤتمر الوطني العام الذي اصبح وفقا لاتفاق الصخيرات مجلسا للدولة . واذا التقى السيد السراج ونوابه مع السيد نوري بوسهمين رئيس المؤتمر الوطني العام كما التقى بالفريق خليفة حفتر قائد الجيش ، ومع المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب بالضرورة ، مع لقاءات اخرى ظاهرة أو خفية ؛ سيكون الحل ممكنا !

والله من وراء القصد …

رئيس التحرير (أبومالك)

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقبل إقرأ أكثر