رسالة مهمة لأشقائنا في السعودية .. حول لبنان

‏‫المختار العربي

تراجعت السعودية عن وعودها بتمويل مشروع تسليح الجيش اللبنانى، عالى التدريب، منخفض التسليح، بأحدث الأسلحة الفرنسية. هذا المشروع كان لاقى حماساً ودعماً من الولايات المتحدة ، ولاقى عدم استحسان القوى التي لاتريد جيشاً لبنانياً قوياً ـ مادامت المقاومة متكفلة بالدفاع عنه.. او بالحرب نيابة عنه. كما طالبت الرياض، أيضاً وعدد من دول الخليج، رعاياها بعدم السفر إلى لبنان ومغادرتها في حالة تواجدهم بإعتبار أن لبنان ؛ أصبح “بؤرة للإرهاب”، لكنها لم تصل الى درجة الإستغناد عن أعداد من اللبنانيين المتواجدين لديها ـ شيعة او غيرهم ـ 

الأمريكيون و”الغرب ” يريدون دعم الجيش اللبنانى الوطني بشكل ما ، اذ لابد من تسليحه ـ من تمويلات سواهم ـ لكى يحمى البلاد ، وبما يضمن تقليص نفوذ حزب الله ” العسكري ” خاصة وان القناعة لدى الكثيرين في لبنان وحوله ؛ أن المقاومة إنتهت في لبنان .. لتتحول الى أبعادٍ أوسع من المحيط الى الخليج على مدى نفوذ ايران او تطلعاتها ! 

السعودية وبعض دول الخليج ، وبعد ان انفقت عشرات المليارات على دعم  لبنان وإعادة إعماره ، ولسنوات طويلة ، لا تستطيع منع المعادين لها و ممثليهم في الحكومة  ( أعضاء حزب الله ، وغيرهم من حلفائه )  ، من الهجوم عليها ، خاصة بحجة مايجري في سوريا واليمن ، ناهيك عن الازمة المتفجرة مع ايران  منذ  إعدام المعارض الشيعى السعودى نمر النمر. عندما لم ينضم لبنان  للإدانه العربية” الجماعية ” لإيران بعد تعرض السفارة السعودية في طهران والقنصليه في  في طهران للاعتداء ! 

هناك تساؤل عما اذا كانت السعودية قبل إقدامها على هذه الخطوة ( الكبيرة ) تجاه لبنان ، والتي قد تضعه  أمام  ”  الخيار الإيراني ” التي سبق وان عرضت اكثر من مرة استعدادها لتقديم ( السلاح والمعدات ) للجيش اللبنانى ، وبالمليارات كذلك ، و طبعاً بأسلحة إيرانية الصنع ، وهو ما تجنب لبنان الرسمي الخوض فيه آنذاك .. هل حسبت النتائج بطريقة صحيحة ؟ ربما لأن القيادة السعودية تراجع الخرائط والجداول عادة بدقة .. ونرجو هذه المرة ان تكون كذلك 

في المجال  السنى اللبناني ، وجد زعيم تيار المستقبل (  الشيخ سعد الحريرى )الذي يحمل الجنسية السعودية ايضاً ، نفسه مذهولاً من موقف ” بلده  الثاني ” السعودية المفاجي له على ما يبدو ، والذي تُفسّر أسبابه في جانب أساسي منها ؛ أنه لم ييذل جهداً كافياً للجم ” حزب الله ” عن الانتقاد الحاد للسعودية ، أو التصدى لمحاولات الحزب زعزعة استقرار اليمن والبحرين، بالاضافة الى جهده الحربي ” الضخم ” في دعم النظام السوري في الحرب الدائرة بينه وبين معارضيه ؛  الذين يتلقون دعماً سعودياً سياسياً ولوجستياَ هو الاكبر ،  خاصة في الفترة الاخيرة . خاصة وان الحريري وتياره يعقدون جلسات حوار اسبوعية استمرت لسنتين حتى الآن ، واذا لم يبحث المتحاورن  هذا الامر؛ ففيما يتحدثون او يتفقون .. خاصة وانه لا نتائج لهذا ” الحوار ” على الصعيدين الداخلي او الخارجي ملموسة ، والطرفان يبدوان مستمرين علي طرفي نقيض منها جميعها 

ربما اعتاد الكثيرون علي الإشادة والشكر والتبجيل للأغنياء في العلن ، والتندر عليهم سراً ، وتلك خصلة ليسوا مسؤولين عنها لوحدهم ، وإنما لمن عوّدهم عليها أيضاً ، ورضيّ بها منهم ، ويعلمها  علم اليقين ، وربما يأتي بعد هذه الخطوة مايفيد بمراجعة شاملة لقوائم ” الاصدقاء ” وكذلك “الخصوم ” بسلبياتها وايجابياتها .

الغريب ان بعض ” الاصدقاء والخصوم ”  وما أكثرهم في بيروت على الجانبين ، يرددون : أن قرار السعودية جاء تحت ضغط الانهيار الكبير لأسعار النفط العالمية، وتكاليف الحرب اليمانية ، واضطرار المملكة لمراجعة ميزانيارتها .. ذلك ليس صحيحاً ؛ لأنها أغنى مما يتصورون ، واحتياطاتها كبيرة ، ومصروفاتها محسوبة ، ولا يمكن تصديق عكس ذلك .

اما لماذا جاء القرار بعد رفع الحظر الدولي ايران ، وانتعاشها على أكثر من صعيد وهي التي قدمت نفسها لتحل لدى الغرب رسمياً ، كحارس أمين لمصالحهم ، وكشرطى الشرق الأوسط، ـ القديم الجديد ـ برغبة أمريكية ، وإيران لها خبراتها وأدواتها الأوسع ، ولها تاريخها ” العميق ؛ في ذلك ، حتى أن كثيرين على قناعة بأنها لم تنقطع عنه ؛ رغم كل ” الضوضاء ” الصاخبة .. فذلك يحتاج الى تفسير ؛ لعله عند الأشقاء ، ويغنينا عن الخوض فيه ، قبل أن نسمعه 

ولا نعتقد أن أشقائنا في السعودية يغفلون عن حقيقة طبيعية قديمة ؛ أن أي فراغ يستحدث لا بد له من أن يُملأ بكتلة ، وأن ترك المساحات خصوصا تلك التي ملئت لعقود طويلة ؛ فارغة ، سيتركها لقوى أخرى لن تمانع من أن تستغلها ، وبقوة . قدر الممكلة العربية السعودية أن تكون الأكبر قدراً ، ومسؤولية وحكمة الأخ الأكبر أعظم وأجل ، وتربص الآخرين به كذلك ، ولبنان ليس طائفة واحدة فقط ، كما أن الطائفة الشيعية الكريمة لا يمثلها فقط حزب الله .

ربما كان حريا بالشخصيات والأحزاب اللبنانية التي أعلنت مواقف رافضة أو مؤيدة أن تقنع (حزب الله) وبالذات الأمين العام السيد حسن نصرالله بأن يجد طريقة لمعالجة الوضع بحكمة أكثر ؛ خاصة وأنه في مراحل سابقة حصلت تقاطعات في العلاقات مع المملكة وغيرها ، وتمت معالجتها باتصالات ووفود ولقاءات ، وكما هو معلوم أنه ضمن الجاليات اللبنانية بدول الخليج عدد لا بأس به من الفاعليات الاقتصادية والصناعية اللبنانية ، وذات المكانة البارزة في دول الخليج أخوة من الشيعة وهم لا شك مصدر دعم لأهاليهم ، كما للتنظيمات التي يدعمونها ؛ وهم قادرون كذلك على إصلاح ذات البين 

ما يحتاجه اللبنانيون من أشقائهم العرب وبالذات من دول الخليج العربي أكبر بكثير من مجرد صفقة سلاح ؛ بل هو أكثر ، وإننا نراهن على أن يكون الحل قريباً وأن تكون المساهمة السعودية-الخليجية عاجلة للبنان في اختيار رئيس للجمهورية متوافق عليه ، وكما فعلت دولة قطر عندما جمعت الأطراف اللبنانية كافة ، الذين التقوا على كلمة سواء واختاروا العماد ميشيل سليمان رئيسا للجمهورية في ذلك الوقت ، فإننا نرجو أن يعيد التاريخ نفسه قريبا 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. إقبل إقرأ أكثر